مقدمة:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
من هو الفقيه؟ لأن كثير من الناس يطلقون على أي طالب علم أو أي شخص بلحية أنه شيخ وعالم، وهذا لا يجوز أن يطلق على أي أحد.
مراتب الناس في علم الدين:
المجتهد المطلق:
وهو الذي يأخذ الحكم من أدلته دون تقليد لغيره لا في الحكم ولا في أصول الفقه، فهذا المجتهد بنفسه يضع قواعد أصول الفقه التي يستخدمها الفقهاء في استخراج الأحكام الفقهية من الأدلة، وهذا يحتاج إلى استقراء واسع لكلام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لأن قواعد أصول الفقه مستخدمة في زمانهم ولكن ليست على شكل قواعد، مثل ما عندنا في اللغة الكلام موجود لكن لاحقاً قالوا إن هذا اسمه منصوب وهذا اسمه مرفوع وهذا اسمه مبتدأ والآخر اسمه خبر وهذا جار وهذا مجرور، لم يأتوا بشيء جديد فقط أسماء أطلقوها على أمور موجودة، وهكذا غالباً يكون في أصول الفقه فالمجتهد يضع لنفسه هذه الأصول التي يسير عليها في استخراج الاحكام من الأدلة ويسير عليها من تبعه من تلاميذه ومن سار على طريقه؛ لذا هذا المجتهد يُشترط فيه شروط:
أولاً: العلم بكتاب الله:
ومن ذلك أسباب النزول والناسخ والمنسوخ وتفسير النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين.
ثانياً: العلم بالسنة النبوية:
ومن ذلك جمع الأحاديث وحفظها ومعرفة صحيحها من ضعيفها.
ثالثاً: العلم باللغة العربية:
لأنها هي لغة الكتاب والسنة.
رابعاً: العلم بالإجماعات:
كي لا يخالف الإجماع لأن الامة لا تجتمع على ضلالة، فلا يمكن ان تُجمع الامة في زمن سابق على مسألة ثم يأتي شخص بعدهم يخالفهم في قول. وهؤلاء المجتهدين مثل:
الأوزاعي وسفيان الثوري والبخاري وداود الظاهري والطبري وبالتأكيد الأئمة الأربعة.
مجتهد المذهب:
وشروطه مثل شروط المجتهد إلا أنه يسير في الغالب على أصول الفقه التي وضعها مجتهد المذهب أو إمام المذهب، لكنه قد يخالف إمام مذهبه في أمور وهؤلاء مثل:
(عند الحنفية أبو يوسف ومحمد بن الحسن) (عند المالكية سحنون وابن القاسم وابن عبد البر) (عند الشافعية النووي وابن حجر والبويطي) (عند الحنابلة الخلال والبربرهاري وابن تيمية وابن قدامة) (عند الظاهرية ابن حزم وابن الرومية والقيسراني).
المرجح:
وهو الذي عنده القدرة على جمع الأدلة وفهمها فهماً جيداً ومعرفة أقوال أهل العلم فيها، والتمييز بين القول القوي والضعيف من خلال فهمه لهذه الأدلة.
مرجح المذهب:
مثل السابق إلا أنه يقتصر على الترجيح بين الأقوال التي في مذهبه.
المقلد:
وهو الذي يتبع أقوال عالم معين مع معرفته دليل ذلك العالم على تلك المسألة، ولا يصح التقليد دون معرفة الدليل فلا ننسى أننا نعبد الله عز وجل بشرع الله وليس بكلام الخلق هذا مهم جداً، خاصة في العبادة لأننا لا نحقق العبودية إلا إذا عبدنا الله عز وجل كما قال وطاعة لقوله وليست اتباعاً لقول فلان من الناس.
فقد يقلد الإنسان مذهبه شيخه الذي يثق به وبعلمه لكن عليه أن يعرف الدليل، فالدليل هو حجتك أمام الله عز وجل إذا سألك فتقول له هذا الدليل الذي فعلت على أساسه هذا الفعل، فالدليل أمان لك يوم القيامة وأمان لك في الدنيا من أن تقع في البدعة؛ لأن كل البدع هي أمور لا دليل عليها.
هل على العامي أن يتبع مذهباً معيناً؟
الأصل في الإنسان أن يتبع الدليل لكن لعدم قدرته على استقراء الأدلة ومعرفة العام والخاص والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه ثم يجد فلان قال له هذا حلال وعنده دليل وفلان قال هذا حرام عنده دليل، فهنا حتى لا يُشوش على هذا الشخص فنقول له أن يتبع مذهباً معيناً او يتبع عالماً من العلماء الثقات يأخذ بآرائه في المسائل الشرعية، لكن إذا تبين له أن الحق في مسألة ما في خلاف مذهبه فيتبع الحق ويترك المذهب بهذه المسألة المعينة.
مثال: شخص حنفي المذهب، الحنفية يقولون: إننا في الوضوء نمسح الرقبة، لكن هذا القول غلط لأنهم اعتمدوا على حديث ضعيف فإذا كان هذا الشخص حنفي المذهب وعرف أن هذا القول في مذهبه قول خاطئ لأنه معتمد على حديث ضعيف فلا يجوز له بعد أن عرف هذا ان يتبع مذهبه في مسح الرقبة، بل يتبع الحق في هذه المسألة ويبقى هو حنفي المذهب حتى يتأهل ويرتقي درجة درجة في العلم ويصل المراتب العليا.
والحمد لله رب العالمين.
لا يوجد تعليقات
لاضافة سؤال او تعليق على الدرس يتوجب عليك تسجيل الدخول
تسجيل الدخولدروس اخرى مشابهة