مداخل العلوم الاسلامية

مقدمة:

سنتعرف في هذا الدرس على أساسيات علم الحديث، وعلى أي أساس اعتمد العلماء عندما قالوا هذا صحيح وهذا ضعيف وهذا موضوع؟ وما معنى مصطلحات الحديث التي نسمعها دائماً؟ علماؤنا منذ القدم وضعوا القواعد لنعرف بها مدى صحة نسبة القول إلى قائله وخاصة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن كلامه دين ويجب أن نستوثق من صحة نسبة الكلام إليه كي لا يزيد أحد في الدين أو ينقص منه.

المبدأ العام لعلم الحديث:

فلنفرض أن بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينك مسافة زمنية طويلة ولنفرض قدرها مئات السنين، وسمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كلاماً فكيف تعرف أن هذا الكلام الذي قيل صحيح وقد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ في هذه المسافة الزمنية يوجد مصنفون (أناس جمعوا الأحاديث) من شتى بقاع الأرض، وجمعوها في كتب مثل (البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي) وهذه الكتب وصلت إلينا بالتواتر وسنعرف لاحقاً معنى التواتر لكن وصلت إلينا كما كتبها المصنفون.

 

فدراسة الحديث تكون في هذه المسافة بين المصنف ورسول الله صلى الله عليه وسلم، فنأتي إلى (المصنف) أو يسمى (المُخرٍج) نأتي إليه ونقول له كيف عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام وأنت لم تلتق به ولم تسمع منه؟

سيقول سمعته من فلان ولكن فلان هذا من أين أتى بهذا الكلام (حديث النبي صلى الله عليه وسلم)؟ سمعه من فلان وهكذا حتى نصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتشكلت لدينا سلسلة من الرواة تسمى هذه السلسلة سنداً أو تسمى طريقاً.

 

 

كيف يمكننا أن نعرف حال الرواة؟

في تلك العصور كان أهل العلم يكتبون عن أحوال الرواة، فكانوا يكتبون ماذا قال شيوخ هذا الراوي فيه وكذلك تلاميذه وأقرانه ماذا قالوا عنه. وكانوا يمتحنونه (يختبرون حفظ الروي - يختبرون ورع الراوي) ومن أشهر الامتحانات كان امتحان أهل العراق للإمام البخاري (رحمه الله) والقصة موجودة هنا

 https://www.dar-alifta.org/ar/Viewstatement.aspx?sec=new&ID=5022

وهي جميلة ومفيدة وتبين لنا قيمة هؤلاء الأئمة.

في النهاية كل هذا يكتب في مجلدات وكتب مثل (كتاب تهذيب الكمال - كتاب سير أعلام النبلاء للذهبي - كتاب تاريخ مدينة دمشق).

 

أنواع الأحاديث المردودة:

1. الحديث المعلق

حتى يكون السند صحيحاً يجب أن تكون السلسلة قوية ومترابطة، فكل حلقة من حلقات هذه السلسلة لها بداية ونهاية زمنية وهي حياة الراوي، فإذا كان أحد الرواة قد مات في سنة مئة والراوي الذي يليه وُلد في عام(101) فالسلسلة إذاً منقطعة فالحديث ضعيف؛ لأنه من الطبيعي أن هناك شخص صلة بين هذين الراويين، لكن هذا الشخص غير معروف فهو سقط من الإسناد، فنسميه (راوٍ ساقط) هذا الراوي إذا لم نكن نعرف من هو لا نستطيع الأخذ بكلامه؛ لأننا لا نأخذ ديننا عن مجاهيل وهذا الانقطاع إذا كان في أول السند من جهة المخرج فنسمي (الحديث معلقاً) لأنه معلقٌ من الأعلى والانقطاع في الأسفل كذلك إذا كان السند كله ساقط فالحديث أيضاً يطلق عليه (معلق).

2. الحديث المرسل

 أما لو كان الانقطاع في آخر السند من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من جهته فنسمي هذا الحديث (حديثاً مرسلاً) كأننا أرسلناه فلم يصل.

3. الحديث المنقطع

وإذا كان الانقطاع في الوَسَط فنسميه (حديث منقطع).

4. الحديث المُعضَل

ولو سقط من السند راويان على التوالي أو أكثر فنسمي هذا الحديث (حديثاً مُعضَلاً).

باختصار:

إذا سقط أحد الرواة لدينا ثلاث حالات:

  • الحديث المعلق: إذا كان الانقطاع في اول السند من جهة المخرج.
  • الحديث المرسل: إذا كان الانقطاع في آخر السند من جهة المخرج.
  • الحديث المنقطع: إذا كان الانقطاع في وسط السند.

أما إذا سقط راويين أو أكثر لدينا حالة واحدة وهي (الحديث المُعضَل).

 

1. الحديث الضعيف

أما إذا كانت السلسلة مكتملة وليس فيها انقطاع لكن هناك خلل في إحدى حلقاتها (أحد الرواة) مثلاً هذا الراوي سيء الحفظ فنقول عنه (حديث ضعيف) لأن هذا الرجل قد يروي الحديث بطريقة غير التي أرادها رسول الله صلى الله عليه وسلم قد يغير في المعنى قد يغير في مفهوم الحديث.

 

كذلك لو كان قليل الدِين لا يتق الله فيما يروي أو داعٍ إلى بدعة قد يغير بالحديث للترويج لبدعته، أو ممكن أن يكون هذا الراوي عديم المروءة، فهؤلاء لا يمكن أن نأخذ منهم ديننا.

 

2. الحديث الموضوع

أما لو كان الراوي معروفاً بالكذب فنقول عن الحديث أنه (حديث موضوع) أو (حديث مكذوب).

 

3. الحديث الشاذ والمنكر

يتبقى لدينا من الأنواع المشهورة أيضاً (الشاذ والمنكر) فلنقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حديثاً فرواه عنه أحد الرواة وعن هذا الراوي روى ثلاث رواة.

الأول رواه على هذا النحو***

الثاني رواه أيضاً مثل الأول هكذا ***

الثالث رواه بشكل آخر لنفرض هكذا &&& 

 

مع العلم أن الرواة السابقون كلهم ثقات فلا يمكن أن نقول أن الأول والثاني أخطآ والثالث على صواب، إذاً الثالث هو من أخطأ، فأصبحت هذه الحالة شاذة فأسمينا الحديث الثالث (شاذ) وهو من صنف الضعيف.

 

و(الحديث المنكر) نفس المبدأ لكن الراوي الثالث هذه المرة ضعيف وليس ثقة كما في (الحديث الشاذ) لذلك نسمي حديثه (منكر).

 

 

أنواع الأحاديث المقبولة

 

1. الحديث الحسن لغيره

بقي لنا أمر واحد وهو لو كان لدينا حديث وله سند وهذا السند في الحديث ضعيف فهو (حديث ضعيف) لكن لو وجدنا له سند آخر ضعيف أيضاً، لكن هل يبقى الحديث ضعيفاً؟ لا لأنه الرجل الضعيف في الحديث الاول والرجل الضعيف في الحديث الثاني لا يمكن أن يتفقا على خطأ واحد -وخاصة إذا كان بينهما مدة زمنية طويلة- لهذا الحديث ارتقى وارتفع عنه الضعف لوجود هذين السندين وأصبح يسمى (حسناً لغيره) وأصبحنا نأخذ به.

 

طبعاً هذا (الحسن لغيره) لكن ما هو (الحسن)؟

 

2. الحديث الحسن

الحسن مثل الصحيح لكن يكون أحد رواة هذا الحديث فيه ضعف يسير فنسمي هذا الحديث (حديث حسن).

 

 

2.الحديث الصحيح لغيره

وكما أن هناك (حديث حسن لغيره) هناك (حديث صحيح لغيره).

فإذا كان لدين سندين كل منهما حسن يقوي أحدهما الآخر فأصبح الحديث (صحيح لغيره).

 

 

3. الحديث المتواتر

وقد يكون للحديث طرق كثيرة يستحيل أن يتواطأ أصحابها على الكذب أو على الخطأ فنسمي هذا الحديث (حديث متواتر) وهو في أعلى درجات الصحة.

4. الحديث الصحيح

 

سند الحديث الصحيح يجب أن يكون كالسلسلة القوية والمترابطة، فكل حلقة من حلقات هذه السلسلة لها بداية ونهاية زمنية وهي حياة الراوي وجميع الرواة ثقات عدول.

 

 

اختصار أنواع الأحاديث:

 

أخيراً فالحديث عموماً له نوعين:

1. إما أن يكون مقبولاً وهو حديث الذي نأخذ منه ديننا ونأخذ به ونرويه وهو:

أ- (الصحيح) ومنه (الصحيح لغيره).

       ب- (الحسن) ومنه (الحسن لغيره).

2. أو أن يكون مردود وهو الذي لا نرويه ولا نأخذ به ولا نأخذ منه ديننا، أنواعه:

        أ- (الضعيف) بأنواعه من (منقطع ومعضل وشاذ ومنكر وغيره).

       ب- (الموضوع).

سبب اختلاف العلماء في تصحيح الأحاديث وتضعيفها:

ننبه على نقطة اخيرة قبل أن ننهي درسنا وهي:

لماذا أحياناً نجد الحديث هناك من صححه وهناك من ضعفه؟

نقول في دراسة السند يوجد في الأسانيد (علل) قد تكون خفية فتخفى عن بعض أهل العلم، فقد يكون في الحديث شذوذ غاب عن بعض أهل العلم، وفي دراسة الأسانيد يوجد أمور خفية شديدة الدقة، يقضي أهل العلم حياتهم كلها في البحث والتدقيق والمراجعة ليصلوا إلى اجتهادهم في هذا الحديث قد يصيبون وقد يخطئون.

فنسأل الله تعالى أن يجزي أهل العلم عنا خيراً، وأن يلحقنا بركبهم.

والحمد لله رب العالمين.

هل أعجبك المحتوى؟
التعليقات

لا يوجد تعليقات

لاضافة سؤال او تعليق على الدرس يتوجب عليك تسجيل الدخول

تسجيل الدخول

دروس اخرى مشابهة

تبحث عن مدرس اونلاين؟

محتاج مساعدة باختيار المدرس الافضل؟ تواصل مع فريقنا الان لمساعدتك بتأمين افضل مدرس
ماهو التخصص الذي تبحث عنه؟
اكتب هنا...