مقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أما بعد:
أيها الإخوة والأخوات أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يعملون بما يتعلمون وممن يستفيدون من العلم.
شروط الصلاة:
ماهي الشروط الواجب توافرها قبل أن يصلي المرء؟
هناك عندنا عدة شروط لا بد أن تكون متوفرة حتى تصحّ صلاتك وهي تسعة:
الإسلام، والعقل، والتمييز، ورفع الحدث، وإزالة النجاسة، وستر العورة، ودخول الوقت، واستقبال القبلة، والنية.
1-الإسلام:
فلو صلَّ الكافر لا تقبل منه صلاته، ولا تصح والكافر عمله مردود ولو عمل أي عمل، والدليل قوله تعالى:
{ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون}
[التوبة:17]
وقوله تعالى:
{وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا}
[الفرقان:23]
2- أن يكون آه مميزاً:
وضده الصغر، وحده سبع سنين ثم يؤمر بالصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم:
"مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع"
[أخرجه أبو داود (495)، وأحمد (6756) واللفظ له]
المميز ليس من شرطه أن يكون كبيراً أو بالغاً، قد يكون المميز أحياناً عمره خمس سنوات ويعتبر مميز، والتميز لا ينضبط عند الناس، قد يكون بعض الغلمان يميّز وعمره أربع سنوات، أو خمس سنوات، أو نحو ذلك.
مثالاً على التمييز: لو عندنا طفل عمره سنتان أو سنتان ونصف، ومعه مائة ريال، ثم أقبلت أنت إليه ومعك خمس ريالات، كل ريال لوحده في ورقة، وقلت له: تعال يا محمد، قال لك: نعم، قلت: أعطيك هذه الأوراق الكثيرة (الريالات الكثيرة) وتعطيني الواحد الذي معك، فإن نظر وقال: أي نعم، هذا معناه أنه غير مميز، لا يدري الفرق بين المائة والريال، أما إذا قال لك: لا، هذه مائة ريال، وهذه خمس ريالات، وأنت تحتال علي وتلعب بعقلي، فإذا قال لك مثل ذلك دل هذا على أنه مميز وأنه يعقل ما تتكلم به، عندها لو صلَّى صحت صلاته.
3-أن يكون عاقلاً:
وضده الجنون، والمجنون مرفوع عنه القلم حتى يفيق، والدليل حديث:
"رفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق، والصغير حتى يبلغ"
[أخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم قبل حديث (5269) باختلاف يسير]
4- دخول الوقت:
أن يصلي المرء بعد أن يدخل عليه وقت الصلاة.
كما قال الله سبحانه وتعالى:
{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}
[النساء:103]
{أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا}
[الإسراء: 78]
فلابد أن يصلي والصلاة قد دخل وقتها.
مثال: يؤذن لصلاة الفجر الساعة الخامسة، وصلى المرء الساعة الرابعة قبل الفجر بساعة، هذه لا تعتبر صلاة.
ولو أنه صلى صلاة المغرب قبل دخول وقتها، أو العشاء، ثم تبين أنه صلى قبل دخول وقتها، فهذه لا تعتبر له صلاة، يعني صلاة فريضة، إنما تعتبر له صلاة نافلة على الصحيح من أقوال أهل العلم.
5- ستر العورة:
فقد أجمع أهل العلم على عدم صحة صلاة من صلّى كاشفاً لعورته مع قدرته على سترها، ونقل الإجماع ابن عبد البر رحمه الله، واستدلّوا على ذلك بقول الله تعالى:
{يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ}
[سورة الأعراف: 31]
وحد عورة الرجل من السرة إلى الركبة، والأمة كذلك، والحرة كلها عورة إلا وجهها.
6- إزالة النجاسة:
من ثلاث: من البدن، والثوب، والبقعة، والدليل قوله تعالى:
{وثيابك فطهر}
[المدثر: 4]
7- رفع الحدث:
وهو الوضوء المعروف، وموجبة الحدث.
وشروطه عشرة:
الإسلام، والعقل، والتمييز، والنية، واستصحاب حكمها بأن لا ينوي قطعها حتى تتم الطهارة، وانقطاع موجب، واستنجاء أو استجمار قبله، وطهورية الماء، وإباحته، وإزالة ما يمنع وصوله إلى البشرة، ودخول وقت على من حدثه دائم لفرضه.
وأما فروضه فستة:
غسل الوجه، ومنه المضمضة والاستنشاق، وحده طولا من منابت شعر الرأس إلى الذقن وعرضا إلى فروع الأذنين، وغسل اليدين إلى المرفقين، ومسح جميع الرأس، ومنه الأذنان، وغسل الرجلين إلى الكعبين، والترتيب، والموالاة والدليل قوله تعالى:
{ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين الآية}
[المائدة:6]
ودليل الترتيب حديث:
"ابدؤوا بما بدأ الله به"
[المحدث: ابن حزم | المصدر : المحلى الصفحة أو الرقم: 2/48 | خلاصة حكم المحدث : صحيح]
ودليل الموالاة حديث صاحب اللمعة عن النبي أنه لما رأى رجلا في قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره بالإعادة، وواجبه التسمية مع الذكر.
ونواقضه ثمانية:
الخارج من السبيلين، والخارج الفاحش النجس من الجسد، وزوال العقل، ومس المرأة بشهوة، ومس الفرج باليد قبلا كان أو دبرا، وأكل لحم الجزور، وتغسيل الميت، والردة عن الإسلام أعاذنا الله من ذلك.
8- النية:
ومحلها القلب، والله -تعالى- لا يقبل عمل العبد إلا بنية، فإن الصلاة لا تصح إلا بالنية كذلك والدليل حديث:
"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"
[الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 1 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]]
9- استقبال القبلة:
فقد أجمع أهل العلم على فساد صلاة من صلّى إلى غير القبلة مع قدرته على استقبالها، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى:
{قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره}
[البقرة: 144]
أسأل الله تعالى أن يعيننا وإياكم على طاعته وأن يجعلنا وإياكم مباركين أينما كنا، وأن يجعلنا ممن يعظمون الصلوات وممن يحرصون عليها وعلى إقامتها في أوقاتها.
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله.
والحمد لله رب العالمين
المصادر:
لا يوجد تعليقات
لاضافة سؤال او تعليق على الدرس يتوجب عليك تسجيل الدخول
تسجيل الدخولدروس اخرى مشابهة